
الإصغاء هو نصف المحادثة .. فـــــإذا لم تصغ جيدا الى محادثك فإنه سيحدث ذلك أثرا سلبيا لمحاورك .. ولعل الكثيرين يحاولون دائما أن يقولوا أكثر من استماعهم وهـــذا في تقديري خطأ كبير في منظومة الحوار فقد قيل قديما (( إذا كان الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب )) .. لكني بذات القدر أعترف بأن الإصغاء ليس سهلا كما يعتقد الكثيرين رغم أنه يعطيك الفرصة كاملة لفك طلاسم ورموز محدثك ومن خلال ذلك يمكنك أن تقرأ كل شيء فيه بوضوح ويسر . وما ساقني لهذا الحديث في الأصل تشنج عارم في حوار كان أشبه بالمعركة وهو تلاسن فاق حد الوصف بين إثنين من أنصار ناديين كبيرين .. خاضا في النقاش المفعم في الحمية والعصبية حتى خيل إلي أنهما أفسدا كل مرامي الرياضة التي تدعو الى احترام الآخر والسمو في الروح والأخلاق . الواقع أننا لا نحب الإصغاء ونتحدث أو نرغب في الحديث أكثر من الإصغاء .. لكن المأساة أن يأتي الحديث دونما ترتيب ودونما متابعة فكرية أو أن يكون الحديث لمجرد الحديث أو للاستئثار باللحظة أو لإثبات الذات والقدرات للآخرين .. وفي أحايين كثيرة لتصوير رأينا على أنه صواب والرأي المقابل بأنه خطأ لا صحة فيه . كثيرون منا كذلك يستعجلون الحديث فيقولون ما يعتريهم من أفكار بمجرد أن تتقد في الذهن فكرته أثناء الحوار دونما أن يكون لديهم وقت كاف لاستعراض الأفكار والتدقيق فيها بشيء من الروية والعرض المستنير .. قال أحد الحكماء :- (لقد اكتشفت أن لدي ميلا جديدا وبأنني أستطيع أن أعود نفسي على الصمت والإصغاء للآخرين عند الحديث محاولا تفسير أفكارهم ليس على حسب وجهة نظري أنا بل بأن أضع نفسي في مكانهم .. ) . لكن أكثر أنواع الإصغاء دقة وحذاقة هي التي تبنى على معرفة الدوافع الحقيقية للمتحدث خاصة حينما يطرح المتحدث حقائق أولية لم تكن معلومة بالنسبة لك فتكون مجبرا على الاستماع ولكنك تستطيع وضع مفاتيح معينة للحوار معه دون أن يحس بالحرج .. لتصنع من ذلك نطاق انطلاق يتم من خلالها الحوار بشهية تلط --- أكثر